طوَّر باحثون
تطبيقاً للهواتف الذكية، يُنبِّه الأطباء وفريق التمريض إلى أي تغيير في
نمط حياة المرضى، قد يُشير إلى بداية حالة مرضية جديدة، أو إهمال المرضى
للتعليمات الطبية التي تُرافق العلاج الدوائي المُعتاد، أو مرورهم بفترة من
الاكتئاب، وذلك بهدف تقديم المساعدة قبل تفاقم وضعهم الصحي. في وقت ظهر
فيه رأي عبر عن مخاوفه من احتمال أن يتحول التطبيق إلى أداة رقابة مشددة
على المرضى، ويزيد من تكاليف الرعاية الصحية.
متابعة يومية
يُتيح
تطبيق «جينجر.آي.أو» للأطباء وطاقم التمريض، الاقتراب من الحياة اليومية
للمرضى، ومتابعة التغيرات التي تطرأ على نمط حياتهم، خصوصاً في حالة
الأمراض المزمنة مثل السكري، والاكتئاب، وأمراض القلب والأوعية الدموية، إذ
يراجع المرضى أطباءهم على فترات زمنية متباعدة تصل أشهراً عدة أحياناً.
كما يُوفِّر التطبيق للأطباء وسيلة إضافية للتعرف إلى أسلوب حياة المرضى،
بدلاً من الاقتصار على وصفهم الشخصي.
وخلال
الأيام الأولى من تشغيله على الهاتف، يبدأ التطبيق في التعرف إلى نمط
الحياة المعتاد للمريض، مثل الأماكن التي يزورها، ونمط تحركاته من خلال
حساسات موجودة في الهاتف، فضلاً عن أوقات ومدة المكالمات الهاتفية ونماذج
للرسائل النصية، ليبدأ بعدها في رصد أي تغيير ملحوظ في أسلوب حياته قد يشير
إلى حاجته لزيارة الطبيب أو تغيير في جرعة الدواء.
وإضافة
إلى التنبيهات التي يرسلها إلى الفريق المعالج، أشار أحد مؤسسي شركة
«جينجر.آي.أو» ورئيسها التنفيذي، أنمول مادان، إلى عملهم على تطوير
استجابات أخرى مثل إرسال صور مرحة إلى المرضى، ورسائل قصيرة إلى أصدقائهم
تحثهم على الحديث إليهم.
ويرى
مادان أن التطبيق يُوفِّر وسيلة جديدة ورخيصة لمتابعة المرضى بـ«السكري»
والأمـراض العصبيـة، فهم يعتنون بأنفسهم ويمارسون حياتهم العادية مع تناول
الأدوية، لكن أحياناً وعند تعرضهم لنوبة من الاكتئاب، فإنهم يتوقفون عن
الالتزام بالعلاج المقرر. ويرى شريكه، كاران سينج، أن تطبيق «جينجر.آي.أو»
يدعم الاتجاه السائد للرعاية الصحية المُسبقـة، مؤكداً أن اعتماد الأطباء
على الهواتف الذكية لمتابعـة حياة المرضى أمر منطقي بسبب انتشارها الواسـع
بين العديد مـن الناس.
ويعمل
تطبيق «جينجر.آي.أو»، الذي يُشير اسمه إلى الفوائد الصحية لنبات الزنجبيل،
مع نظامي «أندرويد» و»آي أو إس»، إلا أنه لا يتم تفعيله إلا بواسطة
مستشفى، أو شركة متخصصة في تقديم الرعاية الصحية.
وبدأت
مستشفيات عدة في اختبار التطبيق، ومن بينها شركة «نوفانت» للرعاية الصحية،
التي تدير مستشفيات في ولاياتي فرجينيا، وكارولينا الشمالية والجنوبية.
ويُبرِّر
مدير الابتكار في الشركة، ماثيو جيمر، استخدام التطبيق، بحاجتهم إلى نظام
للتحذير المبكر من الأمراض، ما يُقلل عدد المرات التي يزور فيها المرضى
مستشفياتهم.
ورفض
جيمر تقييم الآثار الطبية والمالية الناتجة بعد استخدام التطبيق لمدة
ثمانية أشهر مع عدد من مرضى السكري. لكنه أكد أن إعجاب بعض المرضى به،
لكونه وسيلة سريعة للوصول إلى مُقدمي الخدمات الطبية. وأشار إلى تخطيط
«نوفانت» لتجربته مع مرضى القلب والمشكلات المزمنة في العمود الفقري.
إنذار مبكر
ويهدف
«جينجر.آي.أو» ليكون نظاماً للإنذار المبكر عن صحة المرضى، أو بمثابة
إشارات ضوئية يقدمها فحص محرك السيارة، بحسب الطبيب مايكل سيد، المتخصص في
طب الأطفال في مستشفى سينسيناتي للأطفال، والتي بدأت في اختبار التطبيق
العام الماضي. وذكر سيد لصحيفة «نيويورك تايمز» أن نتائج عمل التطبيق أظهرت
علاقة بين تغيير نمط تحركات المرضى وتفاقم المرض، قائلاً إنه «عندما تزداد
آلام المريض، فإنه لا يُتوقع أن يذهب إلى حديقة أو مركز تجاري، وربما يكون
ذلك من المؤشرات المبكرة على المرض». وأضاف أن «التقنيات الحديثة تقيس
السلوك الاجتماعي على نطاقٍ واسعٍ وبعمق لم يكن متاحاً من قبل».
ويُثير
عمل «جينجر.آي.أو»، مثل غيره من التطبيقات المماثلة التي تعمل على تحليل
بيانات مستخدمي الهواتف الذكية، بعض المخاوف بشأن انتهاك خصوصية المرضى، إذ
أشار أستاذ علم النفس والأعصاب في جامعة «جونز هوبكنز»، آدم آي.كابلين،
ضمن تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، إلى احتمال تحول التطبيق إلى أداة
للرقابة المشددة على المرضى، كما ألمح إلى إمكانية أن يرسل التطبيق تنبيهات
خاطئة للأطباء بخصوص تحول في أسلوب الحياة المعتاد لأحد المرضى، في الوقت
الذي يكون سبب التغيير نزلة برد عادية أو رغبة شخصية، فضلاً عن تخوفه من أن
تؤدي مثل هذه التقنيات إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية، بدلاً من
تخفيضها.
في
المقابل، يؤكد باحثون وشركات داعمة لتطبيق «جينجر. آي أو» على مراعاة
خصوصية المرضى؛ إذ يتطلب استخدامه موافقتهم، كما يمكنهم إيقاف عمله في أي
وقت، مؤكدين على وصول المعلومات المتعلقة بهم إلى الأطباء أو أفراد الأسرة
فقط.
ولايزال
التطبيق في طور الاختبار لتقييم مدى فاعليته، وتأثيره على العلاقة بين
المرضى والمسؤولين عن تقديم الرعاية الصحية. وتحاول تجربة «جينجر.آي.أو»
الاستفادة مما يُعرف باسم «البيانات الكبيرة» التي تحاول التقاط وتصفية
البيانات التي تتيحها الهواتف الذكية والإنترنت بغرض فهم سلوك الناس
والتنبؤ بأي تغييرات مستقبلية.
وتعود
بداية التطبيق إلى عام 2009 من خلال بحث في «مختبر وسائط الإعلام» في معهد
«ماستوشستس للتكنولوجيا» أو «إم آي تي ميديا لاب»، شارك فيه 70 طالباً في
المعهد وجامعة «هارفارد»، وعمل الرئيس التنفيذي للشركة، أنمول مادان، مع
على تحليل البيانات التي جمعها من هواتف الطلبة، إضافة إلى إجاباتهم عن
استطلاع يومي عن حالتهم الصحية والنفسية على مدار 10 أسابيع.
وتوصل
مادان إلى الصلات بين بعض الأمراض وتغير نمط الحياة مثل العلاقة بين إصابة
البعض بنزلات البرد وتراجع عدد مرات الخروج، والميل إلى الإصابة بالاكتئاب
وقلة التفاعل مع الأصدقاء عبر الهاتف.
قم بنشر الموضوع من خلال الأيقونات التاليه لتشجيعنا على الإستمرار
0 التعليقات:
إرسال تعليق